تطوّرت العملية التدريسية بشكل يلحظه الناظر بين الأمس واليوم، فقد أخذت تلبّي في وقتنا هذا متطلبّات العصر، وتتماشى مع وعي الطلبة الزائد الذي خلّفته التكنولوجيا المنتشرة في كلّ مكان، وهو ما نجم عنه استخدام استراتيجيات وأساليب تدريسيّة حديثة تهدف إلى تنمية وعي الطالب، وإدراكه، وتزيد من نتاج العمليّة التعليميّة، ومن الاستراتيجيات التعليميّة المتّبعة حديثاً في التدريس استراتيجية حلّ المشكلات التي باتت تُعتمد بكثرة في شتّى الصروح التعليميّة.
مفهوم استراتيجية حل المشكلات
تُعرّف استراتيجية حلّ المشكلات بأنّها خطة منظّمة يتّبعها المعلّم لدفع الطالب لاستخدام مخزونه المعرفيّ الذي اكتسبه من العمليّة التعليميّة في وقت سابق، أو من واقع حياته، واتّباع بعض الإجراءات والنشاطات الممنهجة ضمن مجموعة من الطلبة في سبيل الوصول إلى حلّ مشكلة ما يطرحها عليه، إذ تكون بمثابة ربط بين ما تعلّمه الطالب سابقاً وبين ما يواجهه من مشكلات، ممّا يدفعه لجمع المعلومات، وفهم الحقائق، وتحليلها للوصول للتعميمات.[١]
ميزات استراتيجية حلّ المشكلات
لاستراتيجية حلّ المشكلات العديد من المزايا التي تنعكس بالإيجاب على جودة العمليّة التعليميّة، ومنها:[١]
- سهولة تطبيقها في كافّة المناهج، ومع شتّى الفئات العمرية.
- إضافة مسحة من التفاعلية، وكسر الروتين في العمليّة التعليمية.
- إشراك جميع الطلبة بشكل غير نمطي في الحصة التعليمية.
- تنمية مهارات التواصل، والعمل الجماعي بين الطلبة.
- تحفيز الطالب على التفكير، والتحليل، والتقييم، وتحويله من مجرّد متلقِّ إلى متفاعل في العملية التعليمية.
كيفية تطبيق استراتيجية حلّ المشكلات
تقوم استراتيجية حل المشكلات في التدريس على ابتكار حلول جديدة لمشكلات معينة بعيداً عن الطريقة التقليدية في التعليم، وهذا يتطلّب من المعلم القيام بمجموعة من الإجراءات، وهي:[٢]
- وعِّ الطبة: على المعلّم توعية الطلبة بما هم مقدمين عليه، وبأنّ حل المشكلات قد يبدو أمراً مضجراً وليس سهلاً إلّا أنّ علينا التعامل به للتدرّب على حلّ ما سيواجهنا من مشكلات حياتيّة، حيث سيكون ذلك بالصبر، والمثابرة، وربط واقع ما اكتسبوه من معلومات وخبرات في تحليل هذه المشكلة والوصول إلى حلّها.
- قسِّم الطلبة إلى مجموعات: في هذه المرحلة يجب أن يقسّم المعلّم الطلبة إلى مجموعات متكافئة في العدد، والقدرات الفكرية والذهنية، فيحرص على وضع جميع المستويات في كلّ مجموعة ليساعد ذو المهارات العالية زملاؤه ويحفّزهم أثناء الحل.
- فعِّل استراتيجية حلّ المشكلات: على المعلّم تفعيل استراتيجية حلّ المشكلات، ونقلها من الحيّز النظري إلى الحيّز العملي برؤية الطلاب يستخدمها بشكل فاعل، ويضرب لهم أمثلة حياتيّة وعملية عليها.
- حدّد المشكلة: في هذه المرحلة يجب على المعلّم أن يُساعد الطلبة في تحديد المشكلة التي سيتعاملون معها، كما يجب عليه التأكّد من فهمهم للهدف الذي هم بصدد الوصول إليه
- ساعد الطلبة: بعد بدء الطلبة في التفكير في حلّ للمشكلة يجب على المعلم أن يقدّم لهم إضاءات معيّنة تساعدهم للوصول للحل، كأن يقول لهم " ماذا لو حدث كذا؟" أو تخيل لو أنّ كذا"، فيطرح الأسئلة ويقدّم الاقتراحات لتشجيع الطلاب على استكمال رحلة بحثهم عن حل.
- اربط الاستنتاجات الخاطئة بالمفاهيم الخاطئة: اعرض بعض المفاهيم والاستنتاجات الخاطئة، وعلّم طلبتك أنّ مصدرها هو بعض المعلومات الخاطئة، أو اتّباع استراتيجية تحليلية غير مناسبة، وليس نقص في مهارات التفكير لديهم، وعلّمهم على إقصاء الحلول والاستنتاجات الخاطئة للوصول للحل الصحيح.
- اعرض الحلول وناقشها: والآن وبعد انتهاء الحلقة البحثيّة التي قام بها الطلبة، استمع لحلولهم، وناقشها، وأثنِ على مواطن الإبداع فيها، وأكّد على فكرة أنّ ليس هناك مشكلة لا تحتمل إلّا حلّاً واحداً، وحفّز الطلاب لممارسة هذه الاستراتيجية دوماً.
مثال تطبيقي على استخدام استراتيجية حل المشكلات
- بعد توزيع الطلبة لمجموعات، وتوعيتهم بمفهوم حلّ المشكلات، وما تتطلبه من صبر ومثابرة يقوم المعلم بعرض صورة غراب يقف أمام إناء ضيّق فيه ماء، ويطلب من التلاميذ التركيز في الصورة.
- يعرض المعلم المشكلة ويوعِّي التلاميذ حولها، ويوضّح أن مشكلة الغراب هي الحصول على الماء، (فكيف) سيحصل الغراب على الماء ليشرب.
- يقدّم المعلّم بعض الإضاءات كأن يقول للطلبة: (ماذا لو استعان الغراب ببعض ما هو موجود حوله؟).
- يراقب المعلم سير العمليّة، ويقوّمها بربط المفاهيم الخاطئة بالاستنتاجات الخاطئة كأن يقول لطالب رأى أن الحل يكمن في دفع الغراب للأنبوب بمنقاره: ألن ينسكب الماء حينها ويخسر الغراب المحاولة؟.
- يعرض المعلم حلول الطلبة ويمدح تنوّعها بعد أن يرى أنّ بعض الطلبة قرروا استخدام الطريقة التجريبية في الحل، فيما استخدم البعض الطريقة التحليلية وهكذا، ويختار مع الطلبة الحل الأمثل لهذه المشكلة.
المراجع
- ^ أ ب د.سعيد غني نوري، "استراتيجية حل المشكلات"، بوابة البحث، اطّلع عليه بتاريخ 13/12/2021. بتصرّف.
- ↑ "Teaching problem-solving skills", uwaterloo, Retrieved 13/12/2021.