استراتيجية التدريس المباشر

تتنوّع الاستراتيجيات المستخدمة من قِبل المعلمين؛ لإيصال المعلومات للطلاب بطريقة ميسّرة ومبسّطة، ويكمن اختلاف الاستراتيجيات في الدور الذي يلعبه كلّ من المعلم والطالب في العملية التعليمية؛ فبعض الاستراتيجات يكون فيها المعلم المركز الرئيس وصاحب الدور الأهم في العملية التعليمية، فيما يعتمد بعضها الآخر على الطالب بشكل رئيسي كما في استراتيجية التعلّم الذاتي، ومن استراتيجيات التدريس المعروفة استراتيجية التدريس المباشر، وهي واحدة من أكثر الاستراتيجيات شيوعاً في التدريس، حيث سنتعرّض في هذا المقال إلى مفهوم استراتيجية التدريس المباشر، وخطوات هذه الاستراتيجية، وأساليب استخدام استراتيجية التدريس المباشر، وأهم مزايا هذه الاستراتيجية وعيوبها.


مفهوم استراتيجية التدريس المباشر

تُعد استراتيجية التدريس المباشر إحدى أقدم استراتيجيات التدريس وأكثرها استخداماً من قبل المعلمين أثناء الحصة، حيث يلجأ إليها المعلم في حال كان عدد الطلاب كبيراً، وفيها يكون المعلم المحور الرئيس في العملية التعليمية؛ فيقوم بتلقين الطلاب المعلومات، فيما يقتصر دور الطالب على الاستماع وتلقّي المعلومات فقط.[١]


خطوات تطبيق استراتيجية التدريس المباشر

على المعلّم اتّباع مجموعة من الخطوات والإجراءات المتسلسلة لتطبيق هذه الاستراتيجية، وهي ما يأتي:[٢]

  • تهيئة الطالب: يقوم المعلم بتهيئة التلاميذ، واستثارة أسماعهم بمقدمة تمهّد للدرس، فيشرح لهم أهمية الدرس، أو بطرح عدة أسئلة تمهّد للدرس وللمعلومات التي سيتم عرضها.
  • عرض المعلومات: يبدأ المعلم بتقديم المعلومات وعرضها بشكل تدريجي ومتسلسل، وبشكل أقرب للتلقين، ويقتصر الطلاب في هذا الوقت على الاستماع لما يلقيه المعلم دون مقاطعته.
  • الممارسة الموجّهة: يوفّر المعلم مساحة للطلاب لممارسة ما تمّ شرحه والتطرق إليه من معلومات، عن طريق حلّ مجموعة من التدريبات.
  • التغذية الراجعة: يقوم المعلم بمراجعة خاطفة وسريعة للتأكد من وصول المعلومات بالشكل المتوقّع والمطلوب، ومن الممكن أن تكون التغذية الراجعة عبارة عن أسئلة يطرحها المعلم على الطالب تتعلّق بالدرس، لتكون بمثابة استرجاع لما تلقاه في الحصة بذات الوقت.


أساليب استراتيجية التدريس المباشر

تتخذ استراتيجية التدريس المباشر عدة أساليب وطرق، ومنها:[٣]

المحاضرة

يلجأ المعلم إلى هذه الطريقة عند حضور عدد كبير من المتعلمين؛ بهدف ترغيبهم في اكتساب المعلومة، فيما يقتصر دورهم هنا على الاستماع وتدوين الملاحظات، وعدم مقاطعة المعلم حتى ينتهي من الشرح والعرض.


الأسئلة والأجوبة

أسلوب الأسئلة والأجوبة أسلوب يتضمّن نوعاً من التفاعل بين المعلّم وتلاميذه؛ حيث يقوم المعلم بطرح مجموعة من الأسئلة، وتلقي الإجابات من الطلاب بشكل شفهي أو كتابي، فيما يكون هذا عادة بعد عرض الدرس.


التلقين

يُعدّ التلقين أسلوباً قديماً من أساليب استراتيجية التدريس المباشر، وأكثرها شيوعاً، إذ يقوم المعلم من خلالها بنقل المعلومات للمتعلم بشكل شفهي، ويكون دور المتعلم هنا مجرد ترديد ما يعرضه المعلم بشكلٍ حرفي.


الضيف الزائر

في هذه الطريقة يستضيف المعلّم شخصاً مختصاً لتوضيح الدرس، ويكون ذي خبرة وعلم في المجال المطلوب، كأن يتم استضافة رجال الإطفاء للتحدث عن الطرق الصحيحة للتعامل مع الحريق، أو طبيب للتحدث عن مرض معين وطرق الوقاية منه.


أوراق العمل

عند اتّباع هذه الطريقة يحضر المعلم مسبقاً ورقة عمل شاملة لموضوع الدرس ولكل المعلومات التي طُرحت فيه للإجابة عليها بشكل جماعي، أو بشكل فردي، بعد تحصيلهم المعرفة العلمية اللازمة لحلّها.


الاستذكار والتسميع

أسلوب الاستذكار والتسميع هو أسلوب يلجأ إليه المعلم للتأكد من فهم الطلاب، وحفظهم لما تمّ شرحه مسبقاً، وتكون عادة بعد نهاية عرض الدرس بأكمله، كأن يطلب المعلم من الطلاب تسميع جدول ضرب عدد معيّن، أو أبيات من قصيدة ما.


القراءة المباشرة

يعتمد المعلّم في هذه الطريقة على تقنيّة النطق باللسان بالقراءة الجهرية لنصٍ نثري ما، كإلقائه قصيدة مثلاً، أو تلاوة القرآن.


العمل بالكتاب المدرسي

يبدأ المعلم في هذه الطريقة بالشرح التدريجي من الكتاب صفحة بصفحة مع الالتزام بما هو موجود بشكلٍ حرفي، وعلى الطالب المتابعة مع المعلم من كتابه المدرسي، وعادةً لا يخرج المعلم في شرحه عن نطاق المادة التعليميّة الموجودة في الكتاب.


مزايا استراتيجية التدريس المباشر وعيوبها

ليس هناك استراتيجية تدريس تتصف بالكمال التام؛ إذ لا بدّ من تكامل الاستراتيجات للوصول لأفضل النتائج المرجو الحصول عليها، وهنا بيان لأهم مزايا وعيوب استراتيجية التدريس المباشر:[٤]

مزايا استراتيجية التدريس المباشر

  • تتيح فرصة للقاء المعلم والطالب، حيث يكون التواصل بينهما مباشراً يتمكّن فيه الطالب من طرح أيّ سؤال على المعلم، أو الطلب منه إعادة شرح نقطة غير مفهومة.
  • تعتمد على طريقة سهلة لا تتطلّب من المعلم أو الطالب الكثير من المجهود.
  • إمكانية استخدام وسائل تعليمية متنوّعة، مثل المجسّمات، والصور.
  • إعانة المعلم على إكمال المنهج في الوقت المحدد، خاصةً مع وجود عدد كبير من الطلاب.


عيوب استراتيجية التدريس المباشر

  • استخدام القدرات العقلية الدنيا للطالب مثل: الحفظ والاسترجاع، وإهمال المهارات العقلية العليا مثل حل المشكلات وغيرها.
  • شعور المعلم والطالب بالملل والرتابة؛ خاصةً مع اقتصار دور الطالب على الاستماع للمعلم.
  • التركيز على مادة الكتاب المدرسي، وإهمال جانب النشاطات اللامنهجية.
  • تمركز المعلم حول ما تحتويه الكتب فقط دون قيامه بعمليات بحثية؛ لاستنباط معلومات إضافية وتوسعية يضيفها للعمليّة التعليمية.


مثال تطبيقي على استراتيجية التدريس المباشر

مبحث التربية الوطنية والمدنية، الصف الثامن

درس: احترام التنوع والاختلاف

يكتب المعلم على السبورة النتاجات الخاصة بالدرس

يتوقع من الطالب أن:

يوضّح مفهوم التنوع والاختلاف.

يعي متطلبات التنوع والاختلاف.

يتذكّر جوانب فيها تنوع واختلاف بين البشر.

يوضّح كيفية استثمار التنوع والاختلاف.

يستنتج أهمية احترام التنوع والاختلاف.


يحدّد المعلم الأساليب المُتبعة في استراتيجية التدريس المباشر

مثلًا يستخدم أسلوبي الأسئلة والأجوبة، والتلقين.


خطوات تنفيذ الاستراتيجية

  • يمهّد المعلم للدرس، من خلال الربط مع معلومات تم أخذها مسبقاً لها علاقة بالدرس.
  • يعرض المعلم نتاجات الدرس على الطلبة.
  • يجزئ المعلم الدرس، مثلًا: أولًا تعريف التنوع والاختلاف، ثانياً ذكر جوانب الاختلاف بين البشر، ثالثًا متطلبات التنوع والاختلاف.
  • يبدأ المعلم بشرح معلومة تتبع الأخرى حتى يصل إلى نهاية الدرس.
  • بعد الانتهاء من الشرح يقوم المعلم بطرح مجموعة أسئلة تتعلق بما تمّ عرضه؛ منتظراً الإجابات من الطلبة للتأكد من مدى تحقيق نتاجات الدرس على الوجه المرجو منه.
  • من الممكن أن يقوم المعلم بإعطاء مساحة للطلاب لطرح أسئلة تجول في أذهانهم، أو إذا كان هناك ما هو غير مفهوم بشكل واضح؛ ليقوم المعلم في هذه الحالة بإعادة الجزء غير المفهوم بصورةٍ سريعة.
  • يكلّف المعلم الطلبة بواجبٍ إمّا بكتابة تقرير يتعلّق بموضوع الدرس، أو حلّ مجموعة من الأسئلة التدريبية.
  • إعطاء الطلبة ورقة عمل لحلّها بشكل جماعي أو فردي، إذا استخدم المعلم أسلوب ورقة العمل في الاستراتيجية.


ختامًا

هناك أفق واسعة للمعلم باختيار ما يراه مناسبًا لإيصال المعلومات والمعرفة العلمية للطلبة بطريقة سهلة ويسيرة يراها هو، من خلال العديد من استراتيجيات التدريس المتاحة لديه، والمعلم الناجح هو المعلم الذي يستطيع التنويع بين عدد من الاستراتيجيات بما يحقّق نتاجاته المطلوبة، ويستثمرها بما يراه مناسبًا لموضوع درسه، ونهايةً لا يمكن تفضيل استراتيجية على أخرى، بل بتكاملها يكون مفتاح النجاح.


المراجع

  1. عفاف مصطفى، إستراتيجيات التدريس الفعال، صفحة 193. بتصرّف.
  2. جابر جابر، استراتيجيات التدريس والتعلم، صفحة 17. بتصرّف.
  3. شاهر ابو شريخ، استراتيجيات التدريس، صفحة 220_223. بتصرّف.
  4. خالد عثمان (2018)، "التعليم التقليدي إيجابياته وسلبياته"، موقع أكاديميا، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2021. بتصرّف.