استراتيجيات التعليم النشط

يلجأ المعلمون إلى التنويع في الاستراتيجيات التعليمية لكسر الرّتابة والجمود، وإشراك الطالب في العملية التعليمية، بل وجعله عنصراً أساسياً فعّالا فيها، فمنهم من يبتكر أساليب واستراتيجيات تكون له عوناً في تسهيل المعلومة وترغيب نفوس الطّلبة في تلقي المعرفة بكل حبٍّ وشغف، ومنهم من يعمل جادّاً في البحث عن استراتيجيات تتناسب ومتطلبات عصره، وتخرجه من دائرة التلقين، ومن هذه الاستراتيجيات، استراتيجيات التعليم النشط، وعندما نتحدث عنها، فإننا نتحدث عن بحرٍ عميقٍ من الأساليب، لا يكاد ينفد؛ لتنوعها وشمولها لكل الحقول المعرفية، سنفرد هذا المقال للتحدث عن التعليم النشط بشيء من الإيضاح.


مفهوم استراتيجيات التعليم النشط

تعرّف استراتيجيات التعليم النشط بأنّها مجموعة من الأساليب التربوية التي تهدف إلى إشراك الطلبة إشراكاً إيجابياً في العملية التعليمية، وإخراجهم من بوتقة التلقي، وإشغالهم بشكلٍ مباشر في عملية التعلم، وتنمية مهارات أخرى لديهم، مثل التفكير وحلّ المشكلات، والتعلّم التعاوني؛ فالطالب في هذه الاستراتيجيات يكون محور العملية التعليمية، ويتلخّص دور المعلم في التوجيه والإرشاد وتقويم الأداء.


مزايا التعليم النشط

يكاد يكون التعليم النشط من أفضل طرق التعليم؛ لمزاياه المتعددة، والتي نعرض منها الآتي:[١]

  • تميّز الأهداف بأنّها معلنة ويشارك الطلبة في وضعها وتخطيطها.
  • مشاركة كل من المعلم والطالب في وضع التعليمات الخاصة بكل استراتيجية من استراتيجيات التعليم النشط.
  • حرية الطالب وأريحيته في الحركة، وطريقة الجلوس ممّا ينعكس إيجاباً على الأداء.
  • ي يتفاوت كل طالب بسرعة التعلم، حسب قدراته؛ لأن التعليم النشط يركز على استخدام الطالب لمهارات عقلية عليا لا مجرد حفظ واسترجاع.
  • انتقال الطالب من مستويات التفكير الدنيا إلى العليا، حيث يعمل على فهم المشكلات وحلّها، واستخدام مستويات تفكير عليا وابتكارية، وتنمية جوانب مهارية ووجدانية.
  • مساعدة المعلم الطالب على اكتشاف نواحي القوة والضعف لديه، وتحسينها.
  • إبراز الجوانب الإيجابية في شخصية الطالب وتعزيزها مثل الحماس، والمرح، والتعاون.


دور المتعلم في التعليم النشط

يُتوقع من المتعلم القيام بمجموعة من الأدوار المهمة؛ بصفته محور العملية التعليمية في عملية التعليم النشط، ومن هذه الأدوار:[٢]

  • يعمل على حلّ المشكلات.
  • يتحدث ويصغي ويكتب.
  • يتعاون مع الآخرين، ويعمل بروح الجماعة.
  • يصل للمعلومة بنفسه.


دور المعلّم في التعليم النشط

للمعلم أدوار مختلفة عن تلك المتعارف عليها في الأساليب التلقينية القديمة، ومن أهم أدواره:

  • يوجه الطلبة ويرشدهم ويساعدهم؛ من خلال تقديم العون والنصح وبالتركيز على مختلف جوانبهم، التعليمية، والشخصية، والاجتماعية.
  • يسهّل العملية التعليمية ويُيسرها.
  • يحفز الطلبة ويزيد دافعيتهم اتجاه التعلم.
  • يقيم قدرات الطلبة، وينتبه على تحصيلهم، وتقدمهم.
  • يخطط جيداً، ويستخدم استراتيجيات تخرج عن المألوف.
  • يُشجع الطلبة على المشاركة والعمل الجماعي والمناقشة.


استراتيجيات التعليم النشط

يتّخذ التعليم النشط استراتيجيات وأساليب لا تحصى، وبإمكان المعلم ابتكار أيّ أسلوب يراه مناسباً، ويخدم هدفه، ومن الأمثلة على بعض هذه الاستراتيجيات:[٣][٤]

  • فكر - زاوج - شارك: تقوم فكرة الاستراتيجية على مبدأ فكر بمفردك - شارك التفكير مع زميلك - شارك الفكرة مع المجموعة بأكملها، وتتيح الاستراتيجية المشاركة لأكبر عدد ممكن من الطلبة في الأنشطة الصفية.

مثال: يطلب المعلم من الطالب التفكير بأسباب البطالة، ليقوم الطالب بالتفكير فيها، ثم يشارك التفكير مع زميله، وأخيراً يشارك الأفكار التي خرج بها مع أقرانه بالمجموعة.


  • بيكس (PECS): تمثل الاستراتيجية اختصار الكلمات التالية على الترتيب؛ Problems المشكلات، Effects الآثار، Causes الأسباب، Solutions الحلول، حيث يعرض المعلم موضوعاً معيناً، ويطلب من الطلبة تناوله من الجوانب الأربعة سابقة الذّكر باستخدام العصف الذهني، وتهدف الاستراتيجية إلى إثارة الدافعية لدى الطلبة.

مثال: يعرض المعلم قضية الاحتباس الحراري، يقوم الطالب بتناول الموضوع من جوانب أربعة، وهي المشكلة، وآثارها، وأسبابها، وحلولها، بجلسة عصفٍ ذهني.


  • نجمتين ورغبة: تنص فكرة هذه الاستراتيجية على أن يقوم الطلبة بتقييم عمل زملائهم، وتقديم مقترح لتطوير عملهم، وتهدف الاستراتيجة إلى تنمية روح الجماعة لدى الطلبة، وتطوير مهارات التفكير العليا، واتخاذ القرار.

مثال: عندما تعرض إحدى المجموعات موضوعاً معيناً، يقوم زميل بتقييم عملهم من الناحيتين، الإيجابية والسلبية، ويقدم اقتراح التخلص من السلبية إن وُجِدت، لتطوير موضوعهم.


  • خذ واحد وأعطِ واحد: تتمحور فكرة هذه الاستراتيجية حول مشاركة الطلبة بعضهم البعض معلومات الدرس بدلاً من نقلها، وإعادة كتابتها من وراء المعلم، وتنمي مهارات إدارة المعرفة، والعمل بروح الجماعة.

مثال: يشرح المعلم درس الحوادث المرورية، ولا يقوم بتلقين الطلبة المعلومات لكتابتها، بل يقوم كل طالب بمشاركة معلومة ليُدوِنها بقية الزملاء، فيعطي أحدهم تعريف الحوادث المرورية، والآخر أسباب الحوادث المرورية، وهكذا حتى نهاية الدرس.


  • حاول أن تجد خطأ: يعطي المعلم للطالب صورة لها علاقة بالدرس تتضمّن أخطاء علمية، وعلى الطالب اكتشاف هذه الأخطاء، وتصويبها، وتهدف الاستراتيجية إلى إثارة الدافعية لدى الطلبة.

مثال: يعطي المعلم صورة للتركيب الداخلي لأعضاء الإنسان فيها خطأ بالمُسمّيات، ليقوم الطالب باكتشاف الأخطاء وتصويبها.


  • قف.. ارفع يديك.. شارك: فكرة الاستراتيجية تقوم على أن يعرض المعلم على السبورة موضوعاً معيناً أو قضية معينة، ثم يرفع صوته ويقول: قف.. ارفع يديك.. شارك، ليقوم أحد الطلبة بالوقوف، ويرفع يديه، ويبحث عن شريك من مجموعة أخرى ليصفقا بيديهما، ويحّلا النشاط سويّاً، تهدف الاستراتيجية إلى كسر الملل والجمود، وإثارة الحماس.

مثال: يعرض المعلم سؤال، ما هي عناصر السلامة العامة، ثم يرفع صوته قائلاً: قف.. ارفع يديك.. شارك، فيقف أحد الطلبة ويختار زميل من مجموعة أخرى، ويصفقا بيديهما، ويقومان سويًّا بإجابة السؤال.


  • قذف الكرة: يقوم المعلم بعرض سؤال يحتاج عصفاً ذهنياً، ليقوم الطلبة بقذف الكرة لبعضهم البعض، والطالب الذي تُقذف له الكرة يقدم فكرة عن السؤال المطروح، ويستمر قذف الكرة بين الطلبة، حتى ينتهي الزمن المحدد من قِبل المعلم، وهدفها تنمية مهارات العصف الذهني لديهم، عن طريق أفكار متنوعة، تعطي جواً من الإيجابية والمرح في الحصة.


  • المراسل: تُعَيِّن كل مجموعة طالباً ليقوم بالتجوّل بين المجموعات الأخرى، والتعرّف على أفكارٍ جديدة، أو طريقة حلهم لسؤال معين، ثم يعود إلى مجموعته ويشرح لهم أهم ما استفاده أثناء جولته بين المجموعات الأخرى، حيث تُكسب هذه الاستراتيجية الطالب مهارات الملاحظة والاستنتاج.


  • من أنا؟: يُثَبت المعلم بطاقة كُتِب عليها مفهوم معيّن على ظهر كل طالبٍ باستخدام شريطٍ لاصقٍ بحيث لا يمكن لهذا الطالب رؤية الورقة، بينما يستطيع أقرانه رؤيتها، ويختار كل طالب شريكاً له؛ ليطرح عليه سؤالين فقط، يستطيع من خلالهما التعرف على المفهوم المكتوب على الورقة الملصقة على ظهره، تنمي الاستراتيجية مهارات طرح الأسئلة والاستنتاج والتنبؤ.

مثال: يلصق المعلم على ظهر الطالب ورقة مكتوبٌ عليها مصطلح الكثافة، يقوم شريكه بطرح سؤالين؛ ليتنبأ الطالب بالمصطلح المُلصق على ظهره.


معيقات تطبيق استراتيجيات التعليم النشط:

بعد عرض عددٍ من استراتيجيات التعليم النشط، يبقى هناك بعض المعيقات التي قد تقف في وجه تطبيق هذه الاستراتيجيات، ومنها:[٥]

  • ضيق وقت الحصة؛ فبعض الاستراتيجيات تحتاج الكثير من الوقت، وقد لا يُسعف الزمن المحدد الحصة لتطبيق الاستراتيجية.
  • استنزافها وقتاً وجهداً من المعلم في التحضير والتخطيط.
  • صعوبة تطبيقها في الفصول ذات الأعداد الكبيرة؛ لتعذّر مشاركة جميع الطلبة في هذه الحالة.
  • كثرة المسؤوليات التي تقع على كاهل المعلم، وبالتالي لا يفكر بإقحام أحد هذه الاستراتيجيات في أحد الحصص؛ نتيجة لواجباته الإدارية المفروضة عليه، وقلّة وقته المتاح للتحضير لمثل هذه الاستراتيجيات.
  • عدم ملائمة البيئة الصفيّة لاستخدام مثل هذه الاستراتيجيات.
  • خوف المعلم من عدم السيطرة على الطلبة، في حال تطبيقها.
  • عدم الجرأة لتجربة أي جديد، والخوف من النقد إذا قام المعلم بكسر ما هو شائع ومألوف.


المراجع

  1. عبدالله أمبوسعيدي، هدى الحوسنية، إستراتيجيات التعلم النشط، صفحة 34. بتصرّف.
  2. سها أبو الحاج، حسن المصالحة، استراتيجيات التعلم النشط، صفحة 33_35. بتصرّف.
  3. عبدالله أمبوسعيدي، هدى الحوسنية، إستراتيجيات التعلم النشط، صفحة 92_192. بتصرّف.
  4. عبدالله أمبوسعيدي، هدى الحوسنية، إستراتيجيات التعلم النشط، صفحة 404_446. بتصرّف.
  5. فرح أسعد ، استراتيجيات التعلم النشط، صفحة 23_24. بتصرّف.