يقوم التعلم على عددٍ من النظريات، مثل: النظرية البنائية، والنظرية المعرفية، بالإضافة إلى النظرية السلوكية التي سنتناولها في هذا المقال؛ حيث تنص النظرية السلوكية (بالإنجليزية: Behaviorism) على أنّ تفاعل الإنسان مع بيئته يساهم في تعليمهِ وإكسابه السلوكيات المختلفة، وينبثق منها ثلاث نظريات تعلم سلوكية تعتمد على هذه الفكرة بشكلٍ أساسي،[١]وفي العناوين التالية شرحٌ مفصل لكل واحدة منها:[٢][٣]


نظرية التعلم القائم على الملاحظة (Observational Learning)

يقوم الفرد، وفقًا لنظرية التعلم القائم على الملاحظة، بالتعلم من خلال ملاحظة التصرفات التي تصدر عن الأشخاص الآخرين، وتؤدي عملية الملاحظة هذه إلى جعل الفرد يخزن السلوك في ذاكرته، ليقوم بعدها بمحاكاتهِ، ويُمكن تقسيم الأشخاص الذين يتعلم الفرد من خلال ملاحظتهم إلى عدة فئات، والتي تشمل كلاً من فئات الأشخاص الخبراء، والأشخاص الذين يحصلون على مكافآتٍ بسبب سلوكهم، والأشخاص الذين يشبهون في سلوكياتهم الشخص المُتعلم، والأشخاص الذين يعتبرون مصدر الرعاية الاهتمام للشخص، كالأهل مثلاً، إلى جانب الأشخاص الذين هم في مكانة أرفع وأكبر من المُتعلم، وقد انبثق من نظرية التعلم القائم على الملاحظة واحدة من أشهر نظريات التعلم؛ ألا وهي نظرية التعلم الاجتماعي (بالإنجليزية: Social Learning Theory)‏، والتي تُنسب إلى عالم النفس الأمريكي الكندي ألبرت باندورا (بالإنجليزية: Albert Bandura)، والتي اعتبر فيها أنّ التعلم القائم على الملاحظة يتضمن أربعة عناصر، وتشمل الآتي:[٤]

  • الانتباه: يُقصد بالانتباه ملاحظة المُتعلم للسلوكيات التي تأخذ مجراها من حوله كي يقوم بتعلمها، ويعتبر الانتباه الخطوة الأساسية الأولى في عملية التعلم المعتمد على الملاحظة.
  • الاحتفاظ: يعني الاحتفاظ تذكر المُتعلم للسلوك الذي قام بالانتباه إليه بعد مدة من ملاحظته.
  • الإنتاج: يتم إنتاج السلوك عبر ممارسته وتطبيقه فعليًا على أرض الواقع لإتقانه بشكلٍ كامل.
  • الدافعية: تعتمد الدافعية على الحافز، الذي يختلف من شخصٍ لآخر، ويدفع الشخص ويشجعه لتعلم السلوك.


نظرية الإشراط الاستثابي (Operant Conditioning)

تقوم نظرية الإشراط الاستثابي، التي تُنسب إلى عالم النفس الأمريكي بورهوس فريدريك سكينر (بالإنجليزية: Burrhus Frederic Skinner)، على مبدأ ضبط السلوكيات، أو تغييرها، أو تعلمها اعتمادًا على أسلوب التعزيز، سواءً أكان سلبيًا أم إيجابيًا، ويعتمد تطبيق هذه النظرية في عملية التعلم على عدد مرات تكرارها، وإذا كان تطبيقها متقطعًا أم مستمرًا، إلى جانب الوقت الذي يتم خلاله تطبيقها، وعن الفرق بين التعزيز المتقطع والمستمر؛ فإن التعزيز المتقطع لا يحدث في جميع الأوقات، ولكنه على الرغم من ذلك يعتبر فعالاً في عملية التعلم، لأنّ الفرد الذي يتم تعزيزه يدرك جيدًا أنه سينال نصيبًا من فوائد التعزيز في نهاية الأمر، أما التعزيز المستمر، فيتم فيه تطبيق التعزيز على الفرد في كل الأوقات التي يقوم فيها بتصرف معين، أما التعزيز الذي تعتمد عليه نظرية الإشراط الاستثابي فله أربعة أنواع، نستعرضها في النقاط التالية:

  • التعزيز السلبي: عندما يُرغب بالتخلص من سلوكياتٍ محددة عند الأفراد، يتم تطبيق التعزيز السلبي، والذي يقوم الفرد فيه بتجنب هذه السلوكيات بهدف تجنب العواقب التي قد تحصل في حال قيامهِ بها، ومثال هذا في عملية التعليم قيام المعلم بالطلب من المُتعلمين إنجاز بحثٍ ما في عطلة نهاية الأسبوع في حال لم يقوموا بإنجازه خلال أيام الأسبوع، مما يدفعهم لإنهائه قبل أيام العطلة، كي يستمتعوا خلالها، ولا يمضونها في إعداد البحث.
  • التعزيز الإيجابي: هذا التعزيز تمامًا كما يدل عليه اسمه؛ أي أنه "إيجابي"، ويتم فيه منح الفرد مكافأة ما عندما يقوم بالسلوكيات بطريقة جيدة، ومن الأمثلة على تطبيقاته في مجال التعليم: قيام المعلم بمنح الطالب جائزة عندما يحقق العلامة الكاملة في اختباراته؛ الأمر الذي يشجع الطالب على تحقيق نفس الأمر في الاختبارات القادمة، رغبةً منه في الحصول على مكافآتٍ أخرى.
  • تقنية الإطفاء لتعديل السلوك: يهدف من تطبيق هذا النوع من التعزيز إلى التخلص من سلوكٍ ما مكتسب عند الفرد، بهدف ثنيه عنه، ومن الأمثلة على تطبيقاته في عملية التعليم رفض المعلم منح الطلاب درجات إضافية على إعدادهم للوسائل التعليمية وإحضارها إلى الصف دون أن يُطلب ذلك منهم؛ وذلك كوسيلة لإيقافهم عن إحضار هذه الوسائل والتكلف في إعدادها.
  • التعزيز القائم على العقوبة: يتم في هذا النوع من التعزيز حرمان الفرد من شيء يعني له الكثير بسبب قيامه بسلوكٍ سلبي، ومثال هذا قيام المعلم بإنقاص الدرجات للطلاب بسبب عدم انضباطهم؛ الأمر الذي يحفزهم على تجنب تكرار هذا الأمر من خلال الانضباط أكثر في المدرسة.


الإشراط الكلاسيكي (Classical Conditioning)

تُنسب هذه النظرية لعالم وظائف الأعضاء الروسي إيفان بافلوف (بالإنجليزية: Ivan Pavlov)، ومن أسمائها الأخرى الإشراط الاستجابي، والإشراط البافلوفي، وفي النقاط التالية توضيحٌ لأهم تفاصيلها:

  • عندما كان بافلوف يجري تجارب على الجهاز الهضمي للكلاب، لاحظ أمرًا شدّ انتباهه؛ ألا وهو أنّ كلاب التجارب كانت كلما ترى مساعديه الذين يرتدون معطف المختبر الأبيض، يسيل لعابها، حتى قبل أن يقوموا بإطعامها.
  • وبناءً على تجارب بافلوف، تمّ التوصل إلى أنّ عملية التعلم تحصل عندما تتكون لدى المُتعلم ارتباطاتٌ بين مثيرٍ طبيعي وبين منبه محايد يمتلكه المُتعلم مسبقًا، ولفهم هذه النقطة أكثر نعرض المثال التالي المأخوذ من إحدى تجارب بافلوف في هذا السياق؛ ففي تجاربه على الكلاب، كان المنبه الطبيعي لهذه الكلاب لتناول الطعام هو صوت الجرس، حيث كانت الكلاب تعتبر عن استجابتها للطعام الذي يتم تنبيهها إليه بصوت الجرس بإفراز اللعاب، وقد لوحظ أنّ تكرار هذه العملية كون لدى الكلاب ارتباطاتٍ بين صوت الجرس والطعام؛ الأمر الذي أدى بالكلاب بعد تكون هذه الارتباطات إلى إفراز اللعاب في كل مرة تسمع فيها صوت الجرس، حتى وإن لم يتم إطعامها.
  • ساهمت ملاحظات بافلوف بتطوير نظرية الإشراط الكلاسيكي، والتي تمّ بناءً عليها اعتبار أنّ كلاً من الإنسان والحيوان قادرون على التعلم عبر تكوين الارتباطات، وفي حالة تطبيق هذه النظرية في مجال التعليم؛ فإنّ ارتباطات المتعلمين تكون متعلقة عادةً بتحقيق توقعات قاموا بتحديدها في وقتٍ سابق، أو ببلوغ أهدافٍ معينة يطمحون إليها.


المراجع

  1. focuses on the idea,very little influence on behavior. "What is the behavioral learning theory?", wgu, Retrieved 11/9/2022. Edited.
  2. "What Is Behavioural Learning Theory? (3 Types with Examples)", ca.indeed, Retrieved 11/9/2022. Edited.
  3. "What Is The Behavioural Learning Theory? What Are Its Types", edtechreview, Retrieved 11/9/2022. Edited.
  4. learning is the process,they imitate behaviors of adults. "What is Observational Learning?", waterbearlearning, Retrieved 11/9/2022. Edited.