طرق التدريس الحديثة
قد يتبادر إلى ذهن السامع عند الحديث عن العمليّة التعليمية سؤال مفاده "ما المقصود بالتدريس"؟ وللإجابة على هذا السؤال تعريفات عديدة أبسطها أنّه مجموعة من الإجراءات التي تُقدّم على شكل أداءات يقوم بها المعلم؛ ليحقّق بها عملية تعليمية ناجحة يكتسب الطالب من خلالها ما يفيده باستخدام مجموعة متنوّعة من الأساليب، وعلى المعلم الناجح أن يحدّد الأساليب، والطرق التدريسية التي تساعده على أداء العملية التعليمية بيسر، لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة، وبما أنّ التغيير والتطوّر سنة من سنن الحياة دعت الحاجة إلى تطوير التعليم وتغيير أدواته وطرائقه أيضاً لتتحوّل من طرائق مباشرة ترتكز على المعلم وحده يكون فيها الطالب هو المتلقي فقط إلى طرائق أكثر إبداعاً يكون فيها الطالب جزءاً أساسياً في العمليّة يساهم في البحث عن المعلومة قبل اكتسابها.[١]
بعض طرق التدريس الحديثة
تعددّت طرق التدريس الحديثة في العصر الحديث، وكان ما يأتي منها:
طريقة حل المشكلات
تقوم هذه الاستراتيجية على تحفيز الطالب على إيجاد حلول علمية للمشكلات التعليميّة التي يواجهها عن طريق إعمال العقل والتعاون بين الطلبة، ويكون دور المعلم في هذه الطريقة دور الموجّه والمنظّم لتلك الخبرات التعليمية من منطلق أنّه إذا نشط الفرد في حل مشكلة مشتقة من واقع الحياة؛ فإنّه سيتوصّل إلى حلّ إيجابي إبداعي يكسبه المهارة والخبرة في حل مشكلات مماثلة قد تواجهه في حياته، وتمتاز هذه الطريقة بأنها تساعد الطالب على توظيف ما اكتسبه من دروسه في حياته الواقعية، كما أنّها تعزّز الثقة بالنفس لدى الطلبة، وتربط التعلم بالعمل والتطبيق.
طريقة التعليم الإلكتروني
طريقة التعليم الإلكتروني هي طريقة للتعليم باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة؛ كالحاسوب، والإنترنت، ووسائط العرض المتعددة، إذ تُستخدم جميعها أو واحدة منها لإيصال المعلومة للطلاب بأقل وقت وجهد وتكلفة ممكنة، سواء كان ذلك عن بعد أو في الفصل الدراسي، وتمتاز الطريقة سالفة الذكر بأنّها لا تتقيّد بمكان أو زمان في العملية التعليمية، وتمنح الطالب الفرصة ليعيد درسه أكثر من مرة؛ حتى يتمكّن من المعلومة جيداً، بالإضافة إلى أنّها تقضي على عامل التردّد والخجل لدى بعض الطلاب، بالإضافة إلى أنّها تقلل من أعباء المدرسة والمعلم.[٢]
طريقة التعليم التعاوني
التعليم التعاوني هو أحد الأساليب التعليمية الهادفة الذي يُقسَّم فيها الطلبة إلى مجموعات، وكل مجموعة يتفاعل أفرادها فيما بينهم من أجل التوصّل إلى الأهداف التي وضعها المعلم، وتمتاز هذه الطرقة بأنّها تنمّي في الطالب حب التعاون والعمل بروح الفريق، وتشجّع الطالب بطيء التعلم على الانخراط مع زملائه؛ ليطوّر من نفسه ويستفيد من خبرات غيره، كما أنّها تقوم على رفع مستوى التحصيل الأكاديمي للطالب، وتبثّ روح المنافسة الإيجابية بين الطلاب.[٣]
طريقة التعلّم باللعب
تُعدّ هذه الطريقة من أبرز الطرق التي تراعي سيكولوجية المتعلّمين، فاللعب يشكّل مادة تعليمية فعّالة في تحقيق الأهداف التربوية المتعلّقة في إنماء تفكير الطفل وشخصيته، فالألعاب التعليميّة تهدف إلى إيجاد مناخ تعليمي فريد تمتزج فيه التسلية مع التحصيل العلمي، ممّا يُشعر الطالب بالإثارة والتشويق؛ وذلك لأنّ تلك الألعاب قائمة على التنافس والمثابرة لتحقيق الفوز على الطرف الآخر، وتمتاز هذه الطريقة بأنهّا تساعد الطالب على تنشيط جسده ونمو عضلاته، وتخفّف أعراض بعض الأمراض النفسية كالتوتر والقلق والانطواء لدى بعض الطلبة، وتزيد من تشويق الطلبة لعملية التدريس، وتضاعف الفرصة لنمو التخيّل والتفكير الإبداعي والابتكاري عند الطالب، حتى أنها تساعد الطلبة السلبيين على المشاركة الإيجابية من خلال التفاعل الاجتماعي أثناء اللعب.[٢]
طريقة العصف الذهني
طريقة العصف الذهنيّ هي إحدى الطرق التي تُعنى بتوليد أفكار جديدة لإيجاد حل لموضوع ما من خلال التفكير الإبداعي القائم على وضع الذهن في أعلى درجات التفاعلية، وتمتاز طريقة العصف الذهني بأنّها تثير لدى الطلبة الدافعية والنشاط وتشجعهم على التفكير الإبداعي الخلّاق، وتوفّر لهم حرية التعبير عن أفكارهم وآرائهم، وتدربهم على احترام آراء الآخرين وتقبّلها، كما أنها تعزز ثقتهم بأنفسهم.[٤]
طريقة التمثيل بالأدوار
تُعتبر هذه الطريقة من الطرق الجديدة التي أفرزها العصر الحديث، حيث يقوم الطلبة بتمثيل أدوار معينة ضمن حوار تمثيلي ما، وذلك لمحاكاة الواقع وصولاً إلى تحقيق أهداف معينة في إطار معايير محددة، وتمتاز الطريقة سالفة الذكر بأنّها تزيد الدافعية لدى الطلاب نحو التعلم، وتشجعهم على التحليل والتفكير، وتربي فيهم أدب الحوار والإنصات، والنظام، ومراعاة الترتيب، فضلاً على أنّها تُعد وسيلة جيدة في حل بعض المشكلات النفسية لدى فئة منعزلة وخجولة من الطلبة؛ فهي تساعدهم على التعاون والعمل بروح الفريق.[٥]
طريقة الوحدة
في هذه الطريقة يوضع الطالب في موقف تعليمي متكامل غير منفصل يثير اهتمامه، والوحدة تنظيم خاص في المادة الدراسية يمتاز بأنّه يقسم المنهاج الدراسي على شكل وحدات تساعد المعلم على وضع خطة تفصيلية لكلّ وحدة، وتدرّب الطالب على الدراسة والتحليل المنظم.[٦]
طريقة المشروع
في طريقة المشروع يعتمد الطالب على نفسه في الحصول على المعلومة والبحث عنها، ولا يكون كلَّ اعتماده على معلمه؛ فيقتصر دور المعلم هنا على التوجيه والإرشاد، وتمتاز هذه الطريقة بأنّها تعوّد الطالب على البحث المنظم، وتحمّل المسؤولية، والمثابرة والجدّ في العمل، فضلاً أنها تدربهم على التعامل مع المشكلات التي قد تواجههم والتصدي لها بمفردهم إن اقتضى الأمر.[٧]
طريقة الاكتشاف
إنّ هذه الطريقة تهتم بإعمال الفكر والعقل لدى الطالب، وعليه فإنّ الاكتشاف يتطلّب من الفرد إعادة تنظيم معلوماته السابقة، والاستفادة منها بطريقة تمكّنه من إدراك علاقات وحقائق جديدة لم تكن معلومة لديه، وتمتاز بأنها تزيد من فاعلية الطالب في التعليم، وتنمّي قدرته في الاعتماد على نفسه؛ فهو يشعر بالمتعة عندما يكتشف شيئاً جديداً، وتنمّي القدرات العقلية في التحليل والتركيب والتقويم، ومن الأمثلة عليها عندما يقوم معلم اللغة العربية بشرح درس نحوي كالحال، وعرض نصّ أدبيا يوجه الطلاب من خلاله إلى أن يكتشفوا الكلمات والجمل المعربة فيه حالاً، بشرط أن يكون النص مناسباً لموضوع الحال.[٧]
طريقة التعليم المتمايز
أسلوب تدريس يأخذ بعين الاعتبار خصائص الطلاب وقدراتهم، ومواهبهم، والكيفية التي يفضلونها في التعلم، للوصول إلى نواتج تعلم واحدة بأساليب وأدوات متنوعة، حيث يمتاز هذا النوع من التعلّم بكونه يزيد من فاعلية الطلاب في التعلم، ويراعي الفروق الفردية في عملية التعليم باتباع أساليب وأنشطة تمكّن جميع الطلبة من الوصول إلى النواتج نفسها.
ومن الأمثلة عليها توزيع الطلاب في مجموعات ثم تحديد الأنشطة الإثرائية لكل مجموعة عن طريق المعلم، فلو افترضنا أن موضوع الدرس هو أسباب الثورة العربية الكبرى، فإن كل مجموعة تستخدم الأدوات والوسائل التي تلائمها بحيث تنغمس في تعلم الدرس نفسه ولكن بأساليب مختلفة؛ فمجموعة تتناول الموضوع بالسرد والحديث عن أسباب الثورة، ومجموعة أخرى تتناول الموضوع عن طريق رسم لوحات تعبر عن بسالة جنود جيش الشريف الحسين بن علي، ومجموعة أخرى تستذكر الشخصيات الوطنية التي كان لها الدور البارز في الثورة، وهكذا، لكن الهدف النهائي هو إيصال جميع الطلبة إلى معرفة أسباب الثورة العربية الكبرى.[٧]
التعليم بالحقائب التعليمية
هذا الأسلوب يمنح الطالب الحرية في اختيار ما يلائمه من الأنشطة التعليمية لتحقيق أهداف محددة، لذلك فإن التعليم بها يوفر عنصر الإثارة كون الطالب فيها هو محور العملية التعليمية ممّا يجعل التعلّم بها أكثر فاعلية؛ وهي تقوم على أساس تجزئة المادة إلى وحدات صغيرة بطريقة متسلسلة، ودفع الطالب إلى الاعتماد على نفسه بعد تزويده بمصادر التعلم والأنشطة المتنوعة، بالإضافة إلى أنّ التعلم بها يشرك أكثر من حاسة في عملية التعلم لما تتضمّنه من بدائل متنوعة، ويمكن الاستعانة بهذه الطريقة في حالة قلة المعلمين وزيادة عدد الدارسين، بالإضافة إلى أنها تراعي الفروق الفردية بين الطلاب.
ومن الأمثلة عليها قيام معلم اللغة العربية بتصميم حقيبة تعليمية يشرح فيها قواعد النحو والصرف، فيصفها قائلاً: "عزيزي الطالب أضع بين يديك هذه الحقيبة التي توفر لك شرح قواعد النحو والصرف لتتعلم بها معتمداً على نفسك، وهي تتضمن وحدتين رئيسيتين: النحو، والصرف"، ويبدأ بإدراج كل الدروس التي تشملها كل وحدة، ثم يعرض الأهداف المطلوب تحقيقها، فيقول:" عزيزي الطالب إنّ ما يُتوقع منك بعد دراسة هذه الحقيبة أن تكون قادراً على: أن تميّز بين أقسام الكلمة، وأن تتعرّف إلى حالات رفع ونصب وجر الاسم وعلاماتها "، وهكذا، ثم يعرض مخطط السير في الحقيبة، فيقول: "اقرأ الدليل –اقرأ الأهداف –اختبر نفسك –قس إجابتك الصحيحة للاختبار..."، ويُضمّن في حقيبته نشاطاً ومواداً تعليمية، فيقول: "عزيزي الطالب إنّ هذه الحقيبة تتضمن بدائل هي: فيلماً متحركاً، وصوراً ثابتة،...."، وفي نهاية كل وحدة يضع اختباراً ذاتياً لقياس ما حققه الطالب من أهداف الوحدة يتلوه الإجابة الصحيحة؛ لأغراض المقاربة، ومعرفة الإجابة الصحيحة.[٨]
معايير اختيار طريقة التدريس الملائمة
تجري عملية اختيار الأنسب من الطرائق وفق معايير وضوابط منها:[٩]
1- مناسبة الطريقة للهدف من وراء التدريس.
2- مناسبة الطريقة للمادة العلمية التي ستُدرَّس.
3- مراعاة ما بين الطلبة من فروق فردية، لذلك يجب على المعلم أن ينوع من أساليب تدريسه.
4- مناسبة الطريقة لقدرات المعلم، ومعرفته بالمادة الدراسية، والخبرة السابقة لديه في استخدام هذه الطرق.
5- تناسب الطريقة مع الإمكانات المادية المتوافرة في المدرسة.
6- ملائمة الطريقة لعدد الطلاب الذين ستدرّس لهم.
المراجع
- ↑ د نعمان متولي، المرشد المعاصر إلى أحدث طرائق التدريس وفق معايير المناهج الدولية، صفحة 29. بتصرّف.
- ^ أ ب د عبد اللطيف فرج، طرق التدريس في القرن الواحد والعشرين، صفحة 471-474. بتصرّف.
- ↑ د عبد اللطيف عطية، طرق التدريس في القرن الواحد والعشرين، صفحة 27 - 29. بتصرّف.
- ↑ د محسن عطية، المناهج الحديثة وطرائق التدريس، صفحة 450 - 455. بتصرّف.
- ↑ د نعمان متولي، المرشد المعاصر إلى أحدث طرائق التدريس وفق معايير المناهج الدولية، صفحة 40 - 41. بتصرّف.
- ↑ د عبد اللطيف فرج، طرق التدريس في القرن الواحد والعشرين، صفحة 136 - 141. بتصرّف.
- ^ أ ب ت د محسن عطية، المناهج الحديثة وطرائق التدريس، صفحة 455 - 460. بتصرّف.
- ↑ د قصي السامرائي، د رائد الخفاجي، الاتجاهات الحديثة في طرائق التدريس، صفحة 51 - 63. بتصرّف.
- ↑ د كمال زيتون، التدريس نماذجه ومهاراته، صفحة 334 - 335. بتصرّف.