مفهوم وتاريخ نظرية التعلم الاجتماعي

يُستخدم مصطلح نظرية التعلم الاجتماعي (بالإنجليزية: Social Learning Theory) للإشارة إلى تلك النظرية التي تنص على أنّ الأطفال يكتسبون السلوك الاجتماعي، ويتعلمونه عبر مشاهدة أو مراقبة سلوكيات وتصرفات الآخرين وتقليدها؛ بمعنى أنّ السلوك يتم اكتسابه من خلال الملاحظة، وليس من خلال تجربة القيام بالأمور من دافعٍ ذاتي، وتُنسب نظرية التعلم الاجتماعي لعالم النفس الأمريكي من أصولٍ كندية ألبرت باندورا (Albert Bandura)، ومن أهم ما يُذكر عن نشأة هذه النظرية وتطورها التاريخي ما يلي:[١][٢]

  • بين الأعوام 1961 و 1963، قام باندورا بإجراءِ عددٍ من التجارب لاكتشاف إذا ما كانت ملاحظة ومشاهدة الأطفال للعنف قادرة على التأثير على سلوكياتهم بنفس الطريقة؛ أي جعلها عنيفة وتشبه ما راقبوه، وأطلق على سلسلة التجارب التي قام بها تجارب الدمية بوبو (بالإنجليزية: Bobo doll experiment).
  • جرى خلال هذه التجارب ترك الأطفال المشاركين في التجربة مع بالغين ولعبة منفوخة على شكل مهرج اسمها "بوبو" لوحدهم، وكان البالغون يقومون أمام الأطفال إما بإساءة معاملة اللعبة، أو معاملتها بلطف، وبعد ذلك يغادر البالغون المكان تاركين الأطفال لوحدهم مع اللعبة بوبو، وقد لوحظ أنّ الأطفال الذين شاهدوا البالغين يسيؤون معاملة اللعبة قاموا بنفس الأمر معها، في حين أنّ الأطفال الذين لاحظوا أنّ البالغين يعاملون اللعبة بلطف قاموا بذات الأمر معها في المقابل، وعاملوها بلطف هم أيضًا.
  • وبناءً على نتائج سلسلة تجارب الدمية بوبو، قام ألبرت باندورا في العام 1977 بوضع نظرية التعلم الاجتماعي، وفي العام 1986، تطورت نظريته إلى نظرية الإدراك الاجتماعي (بالإنجليزية: Social Cognitive Theory)، والتي تنص على أنّ عملية التعليم تقوم على التفاعل المشترك وغير الثابت بين الفرد، والسلوك، والبيئة.


عناصر نظرية التعلم الاجتماعي

تضم نظرية التعلم الاجتماعي أربعة عناصر، يمكن اعتبارها بمثابة الأسس والخطوات التي لا بدّ من توافرها كي يتحقق المغزى من هذه النظرية؛ ألا وهو التعلم من خلال المراقبة والملاحظة، وفي النقاط التالية توضيح لكل واحدٍ من هذه العناصر:[٣][٤]

  • الانتباه (Attention): العنصر الأول من عناصر النظرية هو الانتباه؛ فالمُتعلم يجب أن يصب كل انتباهه وتركيزه على الشيء الذي يريد تعلمه من خلال الملاحظة والمراقبة، كي يكون قادرًا على محاكاته، وتزداد فرصة التعلم كلما كان هذا الشيء جاذبًا للاهتمام، وكلما كان غير مألوفٍ لما يعرفه المُتعلم مسبقًا، في حين أنّ فرص التعلم تقل كلما شتت المُتعلم تركيزه، ولم يلق له بالاً.
  • الاحتفاظ (Retention): ثاني عناصر نظرية التعلم الاجتماعي هو الاحتفاظ، ويعني قدرة المتعلم على استعادة وتذكر ما قام بملاحظته ومراقبته بعد مرور فترةٍ من الزمن على المشاهدة الفعلية، ويتطلب هذا من المتعلم التحلي بذاكرة قوية، وقدرة على استرجاع الأحداث وتطبيقها في السلوك.
  • الإنتاج (Reproduction): هذا العنصر، والذي يعتبر ثالث عناصر هذه النظرية، عبارة عن ممارسة وتطبيق عملي للسلوك الذي جرت مراقبته، فالتدرب يساعد المُتعلم على إتقان السلوك المكتسب بأفضل شكل، ولكن هناك حالاتٌ لا يكون فيها المُتعلم قادرًا على التدرب على ما لاحظه من سلوكيات، بسبب محدودية قدراته، مما يعيق من عملية التعلم من خلال الملاحظة.
  • الدافعية (Motivation): العنصر الرابع والأخير من عناصر هذه النظرية، والمتمثل بالدافعية، يحفز المُتعلم على التدرب على السلوك وإتقانه، ويمكن أن تكون الحوافز المتعلقة بالسلوك خارجية أو داخلية، كما يمكن أن تتخذ شكل عقاب، أو شكل تعزيز.


تطبيق نظرية التعلم الاجتماعي في التعليم

إنّ نظرية التعلم الاجتماعي قابلةٌ للتطبيق في العملية التعليمية من خلال عددٍ من استراتيجيات وطرق التدريس الحديثة، والتي تناسب منهجيتها وأهدافها، وتاليًا استعراضٌ لهذه الاستراتيجيات والطرق وأهم تفاصيلها:[٢]

  • الألعاب التعليمية: في أسلوب التعليم هذا، يقوم المعلم بتمثيل المحتوى الدراسي على شكل لعبةٍ تعليمية، يتفاعل الطلاب فيها مع بعضهم الآخر، ويتنافسون لتحقيق الحافز، والذي قد يكون على شكل عقوبة، أو على شكل مكافأة، وخلال المشاركة في الألعاب التعليمية، يلاحظ الطلاب أسلوب وطريقة مشاركة زملائهم، ويحددون ما حقق لهم الفوز أو الخسارة من سلوكيات، وتقليدها بناءً على هذا، أو تجنبها.
  • استراتيجية التعلم المقلوب: في هذه الاستراتيجية، يزود المعلم الطلاب قبل بدء الحصة الدراسية بمحتوىً ذا علاقة بالمادة الدراسية، أو فيديو تعلمي، ويستوجب على الطلاب الاطلاع عليه، وتطبيق ما تعلموه منه في وقت الحصة الدراسية، ويكون هذا بديلاً عن طرق التدريس التقليدية المتمركزة على دور المعلم، والذي يصبح دوره خلال تطبيق استراتيجية التعلم المقلوب إرشاديًا وتوجيهيًا، ويتيح تطبيق هذه الاستراتيجية الفرصة أمام الطلاب لمراقبة وملاحظة سلوك ومشاركة زملائهم، والاستفادة منها، والاطلاع على المهارات وغيرها مما يُكسبهم إشادة المعلم وملاحظاته الإيجابية؛ الأمر الذي يحفزهم على المشاركة في العملية التعليمية، وتطبيق ما لاحظوه.
  • استراتيجية تعليم الأقران: يستفيد الطلاب في هذه الاستراتيجية من ملاحظة سلوكيات ومهارات أقرانهم بشكلٍ مباشر؛ حيث يتولى فيها جزءٌ من الطلاب مهمة التنفيذ العملي للسلوكيات والمهارات التي يتقنونها، في حين يراقبهم الجزء الآخر ويستفيد منهم، ويحاكي ما قام بملاحظته، ويستمر بالتدرب عليه لإتقانه في النهاية.


أهمية نظرية التعلم الاجتماعي

إنّ لتطبيق نظرية التعلم الاجتماعي في العملية التعليمية العديد من الفوائد، والتي ندرجها في النقاط التالية:[٥]

  • إضافة المرح إلى التعليم: تصبح العملية التعليمية أكثر إمتاعًا في نظر الطلاب عندما يتم تطبيق نظرية التعلم الاجتماعي فيها، من خلال طرق التدريس الحديثة، التي تعتبر أكثر استقطابًا لاهتمامهم مقارنة بطرق التدريس القديمة والتقليدية، والتي تعتمد على لعب الأدوار، والألعاب التعليمية، والتعزيز، ومنح المكافآت.
  • مراعاة الفروق الفردية: إنّ تطبيق نظرية التعلم الاجتماعي في عملية التعلم يناسب جميع قدرات الطلاب، ولا يستثني أيًا منهم من الانخراط والمشاركة في العملية التعليمية.
  • الاتصال بواقع الطلاب: تربط نظرية التعلم الاجتماعي عملية التعليم بواقع وحياة الطلاب، من خلال ربط موضوعات التعلم بخبراتهم الحياتية، وأوجه الاهتمام لديهم.


المراجع

  1. "Introduction to Social Learning Theory in Social Work", onlinemswprograms, Retrieved 7/9/2022. Edited.
  2. ^ أ ب put, social learning theory,don't try it themselves. "A guide to social learning theory in education.", wgu, Retrieved 7/9/2022. Edited.
  3. "How Social Learning Theory Works", verywellmind, Retrieved 7/9/2022. Edited.
  4. "Bandura’s Social Learning Theory in Education", educationcorner, Retrieved 7/9/2022. Edited.
  5. "Using Social Learning Theory to Better Reach Students", resilienteducator, Retrieved 8/9/2022. Edited.